Monday, May 26, 2008

الإيمان



منصور الرحباني ينهى مسرحيته "ملـوك الطوائـف" قائلاً:
"إذا مَلِكٌ راح بيجي ملك غيره..
وإذا الوطن راح ما في وطن غيره".


للمرة الاولى ساطبق ما قاله لي شون كونري.. "لا تفكر كثيراً في حروفك قبل ان تلدها ولكن اكتب من قلبك ولا تتوقف لحظة واحدة".. وهنا سأجاري تلك النصيحة.

كنت فيما سبق أحدٌ ما، قد تبدو لك بان تفاصييلك واضحة اكثر مما يجب، و انك تعرف نفسك، هذا ما كنته فيما مضى، لكن الان تغيرت معرفتي و فهمي للكتير من الاشياء، وكل هذا بسبب أحدٌ آخر.. كان الجسد العاري يقول كلاما اكثر بكثير من اي الكتب التي عرفتها و سأعرفها، كانت انفاسي تاخذ شكل تفاحة الروح والمُنى...

الاخر: ذلك المفهوم المغاير لكل ما فيك و فينا، عند هذا الاخر ذابت تفاصيلي وحدودي في زمنٍ هاربٍ من قبضة الكره والخوف، وبه سافرت الى ارض الانبياء والمعجزة..

شوارع غزة ازدانت باوجاعها وحصارها، بدت صورها اكثر وضوحا وتحزباً اتجاه الاخر والاشياء وحتى الله، غزة تحجبت بالخوف والانتظار،

عندما تلتقي اعيننا في شارع عمر المختار تحدث الزلازل.. اعرف وعندما تلتقي يدانا يذوب النهار، فيما غزة خائفة من خوفها، غزة مراهقة ترهق عاشقيها، تحاصرهم بالغياب.

هذا الصباح كانت سياط الندم والخوف تضربني من كل جانب، كانت تعربد في نهاري الكئيب، هذا الصباح آمنت به وبنا، توسع جرح الانتظار الصعب، كنت اريده ان يحرك الاشياء من حولي، يترك علامةً فارقة على جسدي، لكن صمته كان اقسى وابلغ..
حائرة انا في قادم الايام، وخائفة من ارتداد حماقاتي الصغيرة والغبية الى وجهي الذي اصبح له جسدان، لكن لما كل هذا؟ فانا لا انفك اسأل نفسي ماذا بعد؟ ولماذا هذا الاحساس بالتعب والوهن؟!
عندما يزداد السواد سوادا وتغرق روحي في احتضارها.. لا يبقى لي الا هو، وعندما اصير ساحةً عاريةً تصلب تحت سياط الشمس.. لا يبقى لي الا هو، وعندما يموت صوتي على باب الرجاء كطفل نظيف الخطايا.. لايبقى لي الا هو،
لم ابتكر اغنية جديدة اعلقها على صدر السؤال.. الانتظار علمني ان القصص لا تحمل دوما نهايات جميلة، سيضيع الانتظار كما تضيع الاشياء الصغيرة وسط الاشياء الكبيرة.
اداري نفسي عنك بستارٍ مهترء، فتظهر شوائبي وبشاعة الستارة.. وبصباح الالم كنت عارية امامك الا من بشاعتي وقسوة الكلام، كم ارغب في الكشف الكامل عن كل الاشياء، وكم ارغب في ان اكون كما انا في عيناك..
كنت اقبض على مفتاحي كما يقبض الجندي على سلاحه في ساحة الموت المحتوم، كنت اتمسك به كما يتمسك غريقُ بلوح نجاة، كان مفتاح الجنة لا ريب، وساقبض عليه ما يتبقى لي من رصاص وانفاس.

اسمك الكوثر، اسمك حرث البياض في البياض، هو المنى والحر في وسط الدوالي.. اسمك النور والنار والبخور والفوضى، اسمك فاتحتي وخاتمتي.
حرف الميم ملاذي ومكاني في الزمن السقيم، مناجاة الروح الذائبة والجسد الجائع.. ميمك محارة نادرة الوجود، مغارة آمنة في وجه الريح، مدينة هاربة من ملل الكون الى موانئ الحنين.
الحاء: حرية الريح والصلوات، حرارة الشوق للبعيد.. حائك: حرير وحرائق تشتعل في الجسد الطري..ميمك مدد، مدارات اليقين والجنون.. ميمك موطني في زمن اللجوء البخيل..
الواو: ولادة الفصول الاربعة من امرأةٍ ملتهبة.. ورعٌ وتقوى.. الدال: دليلي وخارطتي في تيه الاسماء

20/5/2008م